«نافعي أنس» عضو تنظيم القاعدةالتائب وأحد رفقاء مهندس الاختطافات«للمحور اليومي»:
^«هكذا كان أبو زيد يخطط لعملياتاختطاف الرهائن الغربيين في شمالمالي»
إلتقاه: أحمد ناصر
يقيم أنس نافعي اليوم، متنقلا بين تمنراست، حيث يعمل في مجال المقاولات، ومسقط رأسه برج بوعريريج، وقد استفاد من إجراءات العفو، في إطار المصالحة الوطنية عام 2006، ونشط 7 سنوات في «الجيا» ثم في الجماعة السلفية، ليلتحق مع عبد الرزاق البارا بشمال مالي، إلى غاية تسليمه نفسه لمصالح الأمن عام 2006.
كيف خطّط عبد الحميد أبوزيد لخطف الرهائن الغربيين…؟
يقول أنس، حول تجربته في شمال مالي: «إلتحقتُ ضمن مجموعة القتال التي كان يقودها، cحوال مسلم»، وهو عضو في الجماعة السلفية، قُتل في اشتباك مع الجيش الجزائري، عام 2005 في منطقة برج باجي مختار، وتعرفت في تلك الفترة على أبي إسحاق السوفي الذي اعتقل عام 2012 في كمين للأمن، وعمل لفترة تحت إمارة عبد الرزاق البارا، وكنت في تلك الفترة أعلى مرتبة من عبد الحميد أبي زيد في الجماعة السلفية، إلا أن القيادة رأت أن يتكفل عبد الحميد أبو زيد، وكان أميا لا يعرف القراءة ولا الكتابة بالإمارة، بسبب معرفته بالصحراء.
كنا نعاني عام 2005، من أزمة مالية حادة جدا، حيث انعدمت الأموال لدينا، وقرر مجلس شورى الجماعة، الذي كنتُ عضوا فيه، البحث عن سبل للحصول على الأموال، وكانت فكرة عبد الحميد أبي زيد، هي أن نعود لاختطاف مجموعة من الرهائن الغربيين والمطالبة بفدية، مقابل إطلاق سراحهم، مثل ما فعلت الجماعة مع الرهائن الألمان عام 2003، وتقرر تنفيذ عمليات خطف الرهائن، على أن تتشكل مجموعة اختطاف، يقودها محمد التلمسي الذي انشق وأسس جماعة التوحيد والجهاد فيما بعد، ويضيف المتحدث، أن أولى عمليات الاختطاف كانت عملية محاولة اختطاف فاشلة ضد سيارتين كانتا تقلان سياحا فرنسيين، في منطقة حماوا قرب تساليت شمال مالي، ونجحت الجماعة فيما بعد، في اختطاف عدد من السياح، كان أولهم سواح نمساويون، ثم بدأت الاتصلات حسب المتحدث عن طريق رجال من أعاين قبائل المنطقة، ووسطاء ومجموعة من أعضاء التنظيم خلال المفاوضات السابقة التي جرت للإفراج عن الرهائن الغربيين في عامي 2008 و2009، وفي حالات أخرى، مثل القاعدة، مهرب جزائري معروف بصلاته بالإرهابي عبد الحميد أبي زيد «أدهاه ناهي عبد لله»، وهو جزائري من أصول موريتانية، وقد رفض الإرهابيون إجراء أي اتصال مع وسطاء، إلى غاية إشعار آخر، وفسر متابعون لهذا الشأن رفض الإرهابيين إطلاق الاتصالات بأنه عائد لرغبتهم في تأمين الرهائن في مخابئ إمارة الصحراء، والخوف من أن تستغل الاتصالات الأولى في توجيه أجهزة الأمن إلى موقع تواجد الخاطفين، تمهيدا لتحريرهم بعملية عسكرية، بالإضافة إلى رغبة المسلحين في القاعدة، في قبض مقابل مالي مقابل مجرد إطلاق الاتصال، مع الدول التي ينتمي لها الرهائن.
الجهاد في شمال مالي مبني على التهريب
يضيف أنس، أنه لا يوجد شيء اسمه جهاد في شمال مالي، كل ما هو موجود في الواقع، هو تهريب وعمليات ابتزاز واختطاف وجني للأموال، وقد بدأت أولى عمليات ابتزاز المهربين على يد مختار بلمختار، الذي كان يفرض ضريبة وإتاوة على كل مهرب، مقابل السماح له بالمرور، وكان أبو زيد يخاف الرهائن الغربيين بكل بساطة بالعربية، وبكلمات فرنسية ركيكة، قائلا«لا أحد يهتم بكم، سنضطر في القريب، لقتلكم، لأنه لا أحد قرر افتداءكم، وقد فعل هذا مع الرهينة البريطاني، ادوين داير، الذي قتله أبو زيد شخصيا».
بعض التفاصيل حول عمليات التفاوض بين الجماعات المسلحة
تبدأ الاتصالات الأولى بواسطة وسطاء مقربين من حركة تحرير أزواد، وأحيانا ضباط سابقين في الجيش المالي في مناطق كيدال وقاو وأكاديس، شمال مالي والنيجر، وينتظر المتصلون، وهم في العادة من أعيان ووجهاء شمال مالي، أياما، لغاية تحديد موعد مع أحدهم، وفي العادة يتّصل الأعيان بأقارب المطلوبين في قبائلهم، ويطلبون رؤيتهم، ويتعامل الجميع بكلمة الشرف، حيث يعرف هؤلاء بأنهم لا يقدمون أبدا معلومات لمصالح الأمن، وقد تعرّض وسيطان قبليان، عملا في المفاوضات، للإفراج عن رهينتين نمساويين، للتصفية الجسدية من طرف الجماعة السلفية قبل سنتين في شمال مالي، عندما قدما معلومات حول مواقع تواجد الإرهابيين، بعد تحديد الموعد، يلتقي الوسيط الأول، وهو شيخ القبيلة أو الوجيه مع الوسيط الثاني، ويكون إما رجال العصابات أو المهربين المعروفين في المنطقة من أمثال «الصاولي» و«بكيرير»، و«محمد إبلاك»، بعدهــــا يعمد الوسطاء للتــــنقل خلال أيام في الصحراء، للتأكد بأنـــهم غير مراقبــــين، ثم يـــتركون صـــناديق معدنــية – تحدد مواقعها سلفا – بها أجهزة تحديد المواقع الفضائيـة «جي.بي.أر.أس»، هي وسيلة التعارف بين الإرهابيــين والمــهربين، وتحـــتوي هذه الصناديق المعدنية المغلــقة التي توضـــع في مواقع يتم الاتفـــاق حولها على أجهزة تحديد مواقع مبرمجة على نقطة في الصحراء، هي إحداثية مكــان اللـــقاء القادم ويسمى في عـــرف المهربــين «الميعـــاد»، أين يلتقــي ممثـــل الإرهــــابيين بالمــفــاوض، وهو الوسيط الثاــني في العملــية، وبعــدها يعود الوسيط إلى الموقـــع، حيث يجـــد رســـالة مكــتوبة بـــها تــــاريخ المــوعد وتعديل مكانه، على جـــهــاز «جــي.بي.أرس.أس»، وبــعــد اللـــقاء الأول، تتواصـل اللــقاءات، ويستغرق الحصول على معلومة واحدة أو إجراء اتصال بالإرهابيين في الصحراء بين 5 أيام إلى غاية أسبوعين، والغريب هنا، هو أن هذا الأسلوب في الاتصال، اخترعته أجهزة الأمن الجزائرية، خلال الاتصالات الأولى التي هدفت لإقناع بعض الإرهابيين بترك السلاح، ثم تحول إلى وسيلة الاتصال الوحيدة المأمونة، ويشترط في العادة الإرهابيون الحصول على تموين غذائي وكميات من الأدوية خلال كل اتصال أو لقاء حيث يواصلون ابتزاز الوسطاء، وتبدأ المفاوضات دائما بطلب الحكومة الغربية أو التي تفاوض باسمها الحصول على تأكيد بأن الرهائن في صحة جيدة، بينما يطلب الإرهابيون الحصول على المال في أغلب الحالات وتحرير بعض معتقليهم، وتؤكد كل الحالات السابقة بأن القرار كان دائما يتخذ على مستوى إمارة الصحراء دون الرجوع إلى قيادة قاعدة المغرب في الجزائر.
و يفسر انس عمليات الخطف المتزامنة في الساحل بأنها نتيجة طبيعية لتراجع الدعم العسكري الأمريكي لكل من مالي والنيجر، والمخاوف الغربية من التورط في حرب طويلة مع القاعد، حتى بالنسبة للتدخل العسكري الفرنسي في المنطقة، منذ نهاية عام 2007 ، وقد تدهورت الأوضاع بسرعة، بعد توقف العمليات العسكرية الفرنسية في شمال مالي، في إطار عملية سرفال، وكانت تتلقى معلومات قيّمة عن نشاط الجماعات الإرهابية في الساحل مقابل المال، وتشير معطيات متواترة عبر عدة أطراف إلى تعاون بعض المنشقين عن فصائل المعارضة التارقية وجماعات إجرامية مع أعضاء القاعدة في شمال مالي، كل هذه العوامل ساهمت في تقوية القاعدة في الساحل التي فقدت خلال عام 2009 مالا يقل عن 45 قتيلا في عمليات عسكرية متفرقة ، وأكد مصدرنا بأن حكومات مالي والنيجر تعانيان من ترهل في أجهزتهما الأمنية والعسكرية، ولا يمكن لهاتين الدولتين امتلاك جيش وأجهزة أمن قادرة على دحر الإرهاب قبل عامين على الأقل، ولا تختلف الأوضاع كثيرا في موريتانيا التي تعاني من ضعفٍ في التجهيزات العسكرية الحديثة.