سيــرة ذاتيـــة لمفســد تائـــب ../ إبراهيم ولد المصطفى

بقلم الصحفي : إبراهيم ولد المصطفى

تحكي رواية محمد الشيخ ولد سيد محمد ـ رضي الله عن مالك بن أنس ـ عن تعيينه مديرا لإذاعة موريتانيا أنه بعد سنوات من التسكع ، رتب له أحد أولياء نعمته ممن لا يبخل عليهم بـ”النقل الحي والمباشر” لزور القول لقاء مع رئيس الجمهورية ، وعندما دخل الإمعة على رابع رئيس يتملقه قدم نفسه بوصفه مفسدا سابقا، ولأن محمد الشيخ خفيف الدم حلو النكتة أو “مقبول” كما يحلو له أن يسمع  فقد اضطرب الرئيس في أريكته من الضحك وكاد يخرج عن وقاره ، وفي نشوة الضحك هذه قرر تعيينه مديرا لإذاعة موريتانيا.

ولأن في سند الرواية الأحادي ضعف (بلغة المحدثين محمد الشيخ ضعيف حفظ مشهور بالكذب) فلا يجوز تصديقها إلا كبراءة تزلف ستزاحم صويحباتها في سجل الشخص ـ حتى لا أقول الرجل ـ الحافل.

بموجب زلة قلم الرئيس ـ على افتراض صحة الروايةـ دلف محمد الشيخ إلى مبنى الإذاعة بعد أن تركه ذات يوم متعاونا تلاحقه لعنات شغيلة تخلى عن همومها وجعلها مطية لكسب غير مشروع.

عاد المتلاف العربيد خالي الوفاض إلا من سيارة كارينا منتهية العمر الافتراضي يتعاور مالكها الدائنون ممسكيه من رأسه وتلابيبه ورجليه.. كان لا بد من إعادة ترتيب “المحل”…عرضت مصالح الإذاعة وقطاعاتها كدفعة أسهم أولى.. نحي بزل الصحفيين ليحل مكانهم من يمكن أن تدر جيوب أو وجاهة من يمتن عليهم ولد سيد محمد بتعيينهم ما يخفف محن عام الرمادة السابع.

وبدأت مجددا لعبة أخذ المال من غير حله ووضعه في غير محله ، فأعد البدوي المبهور بالفيسبوك بتبجح مساطر إذاعة التوبة ، و واظب على زيارة المحطات الجهوية ـ على حسابه الخاص ـ للتأكد من جاهزيتها لمواكبة فتوحات إذاعة نواكشوط الإبداعية،ثم ألهم فكرة الأيام المفتوحة فلا تسأل كيف احتلب أشطرها.

وبزهو المنتصر الذي حقق حلما من رتبة استضافة الصومال كأس العالم أصبح محمد الشيخ ـ رحم الله بلقيس الراوي ـ يتجول في أروقة الإذاعة يرافقه مطبلون ويتبعه أصحاب مظالم ، مفتشا عن أي خذش يمكن أن تولد منه صفقة،ثم تفتق ذهن الرجل عن مؤسسات إحداها للإنتاج السمعي البصري وأخرى لتوريد اللوازم المكتبية ولى عليها مقربين فصارت شمالا تجود عليها يمينه بكل صفقة تبرمها الإذاعة.

مواهب فارس “شبيكو” الذي لا يشق له غبار متعددة ، وتلك منة من الباري ، فهو إضافة إلى كونه كاتبا يعرف كيف يسبل حروف لغة الضاد ، مخبر تعلو رتبته وتهبط كأسهم البورصة بقدر قربه أو بعده من هذا النظام أو ذاك ، لكن كل تلك المواهب تتضاءل أمام موهبته نخاسا محترفا!

قد يتفاجأ الإخوة في “إيرا” برفض النخاس الأكبر الاعتذار عن تمجيد الاسترقاق، لكن عبد الله ولد محمدو والمرحوم خطري ولد الطالب جدو واممد ولد أحمد وأحمد ولد بياه وغيرهم من قيادات البعث لن يستغربوا إطلاقا… كل هؤلاء أحرار باعهم محمد الشيخ رقيقا في سوق النخاسة السياسية وأكل ثمنهم، كان الدافع أقبح من الجرم ، للشبق باعهم محمد الشيخ فمن الشبق وعليه وله يعيش.

انقلبت الخدعة على الساحر وكشف لولد الطائع زيف تلفيقاته، فجزاه سنمارا بأن ختمت الشرطة بالشمع الأحمر على صومعة الشيطان(البشرى) وصادرت كل ممتلكاتها ، فأصبح يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها.

لكن محمد الشيخ كان ـ كالعادة ـ حربائيا أكثر من الحرباء، فالتحق بالركب الذي فاته في محطة أخرى فعين مديرا للوكالة الموريتانية للأنباء فبدد ميزانيتها في ما لا يعني ولم تأخذه لومة لائم في وفائه الحاتمي لشبقه… استغفر الله.

اليوم رست سفينة فكر محمد الشيخ الشراعية التي طالما تقاذفتها أمواج المطامع والاسترزاق بشاطئ غير ذي زرع ، فقرر يا للمفارقة أن يستحيل إسلاميا وسطيا … أجل إسلاميا وسطيا ما الذي يمنع شخصا لا يستتر من ممارسة العهر السياسي أن يخرج كالثعبان من جلده.

لكن توجد مشكلة ! هناك للأسف من يرفعون هذا الشعار إنهم الإخوان المسلمون ، لكن هناك أيضا فروق وسطية الاخوان المسلمين كحركة لا يمكن حتى لألد خصومها السياسيين إلا أن يحترمها تقوم على الإيمان بإفراد الله بالحاكمية ، ووسطية محمد الشيخ تستند على تأليه وعبادة سيد القصر الرمادي بغض النظر عن اسمه وشكله وعقيدته السياسية.

منهج الاخوان المسلمين دعوي ، وسبيل محمد الشيخ إلى الوصول إلى مبتغاه متعرج ، العلامة الوحيدة الفارقة فيه الحسد والنفث في العقد والنميمة … الذي يحكي انتفاخا صولة الأسد بين مرؤوسيه يستحيل أرنبا منتصف النهار في مكتب الدراسات والتوثيق ، وإذا جن الليل يصبح خفاشا أعور في عتمة صالونات تفرغ زينه ، حيث تفرخ النميمة وتطبخ التلفيقات على نار هادئة.

لكن بقي ما يمكن استثماره ؛ مسابقة كبرى للقرآن الكريم … محمد الشيخ يشرئب للمعالي كفرخ البط يعتلي نخلة ويرقى إلى العلياء وهو وضيع ، جرت المسابقة واستفاد من ريعها من استفاد لكن الشخص كان يريد أن يصبح سادنا للقرآن وخادما له …! ويأبى الله ذلك.

كان يمكن لمحمد الشيخ أن يصبح ممثلا بارعا لو لم يكن التمثيل يحتاج صدقا في تقمص الشخصيات، فحتى مع سيده في مكتب الدراسات والتوثيق لم يحاول أن يجرب الصدق مرة، ففي حين يحيك المؤامرات لمن ينازعونه الاسلام الوسطي ويؤلب الدولة على اعتقال قياداتهم والتحقيق في مصادر تمويلهم ، يلعب على أكثر من حبل… ألاعيبه أحيانا تكون صبيانية ومضحكة … مثلا اتفق أن أساء وزير في الحكومة الحالية إلى أنا محمد الشيخ المتضخم ، والتقى الأخير أحد أولياء نعمته فتعهد له بتعيينه وزيرا بعد التعديل الوزاري الذي سيفرضه محمد الشيخ بوشاية إلى مديره ، وبالفعل رفع تقارير عن فشل الحكومة وقدم رشاوى على نفقة الإذاعة  لبعض زملائه المخبرين ليسوغوا الفكرة للمسؤول الأول… هكذا يفكر محمد الشيخ النخاس!

عذرا صارمي كم أتألم لتلطيخ صفيحتك الناصعة وحدك البتار بنجيع شخص لا يرجى من ضربته ـ تماما مثل عرـ جلد أو لحم ، لكن عزاؤك أن لن تغمد قبل غسلك بطهور الاستغفار.

استغفر الله سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أن وحدك لا شريك لك استغفرك وأتوب إليك.

 إبراهيم ولد المصطفى.