د. محمد الأمين ولد عالي، خبير في الاقتصاد الإسلامي
من الأمور التي يندى لها الجبين أن لايجد الدارس بعد التفحص والنظر شركة إسلامية واحدة للتأمين في بلادنا موريتانيا تُطبق الضوابط الشرعية التي هي الحامي لصلابة وصحة التعامل الاسلامي في هذا النوع من المؤسسات المالية الاسلامية ..ولهذا وجب تنبيه المؤسسين والقائمين والعاملين في هذه المؤسسات المالية على الحكم الشرعي لتعاملاتهم حتى يصححوا وضعهم.
ومن تلك الضوابط التي سيتم الحديث عنها اليوم ضابط توزيع الفائض التأميني على حملة الوثائق .
و يعتبر توزيع الفائض التأميني في الشركات التأمينية الاسلامية من أهم الفروق التي تميز التأمين الاسلامي عن التأمين الربوي ، ذالك أنه في حين أن شركات التأمين التقليدية تعتبر الفائض التأميني ربحا وتحتفظ به ولاترجعه إلى أصحابه ، وهذا ظلم وأكل لأموال الناس بالباطل ، فإن شركات التأمين الاسلامية يجب أن توزع ذلك الفائض على الاحتياطات المالية ضد المخاطرالتي تحيط بها ثم توزع الباقي على حملة الوثائق .وهذا هو التصرف الشرعي الذي يجعل من هذه الشركات ومن هذا التأمين تأمينا طبيعيا وحقيقيا .
إن توزيع الفائض التأميني على حملة الوثائق التأمينية : يجب عند نهاية كل سنة مالية ، وفي حالة ما إذا توفر فائض مالي بعد خصم كل المصروفات والاحتياطات الأخرى وغيرها ، يجب أن يوزع ذلك الفائض على حملة الوثائق ، وفي حالة عدم توزيعه عليهم فنحن أمام حالة من حالات أكل أموال الناس بالباطل .
ويتم تقسيم الحديث عن هذا الموضوع إلى المحاور الآتية :
المحور الأول : التكييف الشرعي للتأمين .
إن التأمين الاسلامي هو البديل الشرعي عن التأمين الربوي المحرم ، حيث نص مجمع الفقه الاسلامي على هذا : بقوله :
ثانياً : أن العقد البديل الذي يحترم أصول التعامل الإسلامي هو عقد التأمين التعاوني القائم على أساس التبرع والتعاون ، وكذلك الحال بالنسبة لإعادة التأمين القائم على أساس التأمين التعاوني .
ثالثاً : دعوة الدول الإسلامية للعمل على إقامة مؤسسات التأمين التعاوني وكذلك مؤسسات تعاونية لإعادة التأمين ، حتى يتحرر الاقتصاد الإسلامي من الاستغلال ومن مخالفة النظام الذي يرضاه الله لهذه الأمة . والله أعلم
(قرار رقم : 9(9/2) بشأن التأمين وإعادة التأمين، مجلة المجمع – ع 2، ج 1/545 ).
المحور الثاني : مفهوم الفائض التأميني .
ينصرف مفهوم الفائض التأميني على ما تبقى من موجودات الشركة بعد تسديد كامل التعويضات التأمينية ، ولهذا فإن هذا الفائض لايستحقه إلا حامل الوثيقة التأمينية الذي لم يكلف الشركة أي عوض مالي عن حادث نصت عليه وثيقته تلك.
المحور الثالث : التكييف الشرعي لفائض التأمين الاسلامي
يُكيف الفائض من اشتراكات حملة الوثائق التأمينية الاسلامية على أنه ملك لهؤلاء وليس لمؤسسي الشركة التأمينية ، ولايجوز اشراك مالكي رأس المال المؤسس في هذا الفائض كاستحقاق ، ويجب أن يتم توزيعه بطرق شرعية مرعية.
و يقول الدكتور عبدالستار أبوغدة الخبير في الاقتصاد الاسلامي : ” والحكم الشرعي للفائض يستمد من حكم أصله، وهو الاشتراكات، وهي مبالغ متبرع بها كلها أو بعضها وفقاً لنظام التأمين الإسلامي الذي يعتبر الدخول فيه قبولاً ضمنياً بالشروط المبينة في الوثائق أو اللوائح المنظمة للتصرفات المتعلقة بالفائض التأميني في الأحوال المختلفة، وليس في هذه الشروط مخالفة شرعية، والمسلمون عند شروطهم إلا شرطا أحل حراماً أو حرم حلالاً، كما جاء في الحديث.
يحق لأصحاب حقوق الملكية في الشركة استثمار الفائض التأميني لصالح حملة الوثائق إذا تم النص على ذلك في الوثيقة أو اللوائح، ويجب أن تراعى فيه الضوابط الشرعية للاستثمار . ويجب تحديد مقابل الاستثمار المخصص للجهة القائمة به (نسبة من الربح في حالة المضاربة، أو مقدار الأجرة في حالة الوكالة) وذلك بالنص عليه في الوثيقة أو اللوائح، أو إشعار حملة الوثائق بذلك مع تحديد مدة يعتبر من لم يعترض خلالها قابلاً .
وقد صدرت بشأن اختصاص حملة الوثائق بالفائض التأميني قرارات وفتاوى شرعية عديدة، مقتضاها أن أصحاب حقوق الملكية لا يشاركون في الفائض، لأن الفائض مملوك لحملة الوثائق ملكاَ مشتركاً حسب ما يحدده النظام، وينحصر حق الجهة القائمة بالاستثمار في المقابل المحدد لها، وليس لها اقتطاع شيء من الفائض، لأن الفائض هو المتبقي من الاشتراكات، فلا استحقاق فيها لغير حملة الوثائق . ولكن هناك فتاوى لبعض الهيئات الشرعية أجازت مشاركة أصحاب حقوق الملكية مع حملة الوثائق في الفائض التأميني “.
( أبوغدة ، عبد الستار ( أسس التأمين التكافلي ) المؤتمر الثاني للمصارف الإسلامية، 11- 13/3/2007م دمشق ،. ص6 )
وهنالك طرق شرعية لتوزيع الفائض التأميني ،كماأن هنالك طرقا حسابية لحساب ذلك الفائض أيضا ـ ليس هنالك مجال للحديث عنها,
وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه، والسلام عليكم .
موريتانيا أخبار 