سلامة وميمونة.. قصة عذاب واستعباد قاصرتين (فيديو)

سلامة وميمونة.. قصة عذاب واستعباد قاصرتين (فيديو)
الأخبار(نواكشوط) “توفي والدي ووالدتي وعشت لسنوات تحت سياط العذاب راعية أبل في صحراء الحوض الشرقي رغم أن عمري حينها لا يتجاوز 7 سنوات، عرفت كل أشكال العذاب وانتزاع الحقوق”.

بهذه الكلمات بدأت سلامة بنت أمبارك في سرد تفاصيل قصة فوصلها الاسترقاق والتعذيب والحرمان على يد أسيادها ومشغليها في قرية “ازماد” التابعة لمقاطعة أبيكت لحواش أقصى الشرق الموريتاني.

تقول سلامة (14عاما) إن والديها توفيا وهي لا تزال صبية وقد تولى رعايتها مع شقيقتها ميمونة بنت أمبارك، سيدهما الشيخ أحمد ولد الصيام، لكن الأخير – تقول ميمونة – ما لبث أن “استغلنا لغرض تحصيل المال، حيث أجرنا وكأننا بضاعة لأحد رجال الأعمال في القرية يدعى أنجيه ولد ستي، وقد حرص السيد على قبض ثمن أجرتنا كل نهاية شهر، لقد عشنا كدواب”.

 

 

صنوف العذاب

 

تقول ميمونة ببراءة الطفولة “لقد تم إبلاغنا من طرف سيدنا أنه تم تأجيرنا لأحد رجال الأعمال في البوادي التابعة لمقاطعة أبيكت لحواش، وفور وصولنا إلى السيد الجديد أبلغنا أن العمل سيكون شاقا وأن علينا أن نتربى على المصاعب حتى تكون لدينا القدرة على التحمل، وإن مهمتنا الجديدة هي رعي الإبل بالنسبة لي ورعي الغنم بالنسبة لأختي الصغرى، انطلقنا في العمل، نظل طول النهار تحت لهيب الشمس الحارقة نطارد النوق، إن السيد لا يسمح لنا بأخذ الماء بحجة أن علينا التمرن على التحمل، نتعرض للتعذيب والحرمان من الأكل والشرب ليومين عند ابسط خطأ نرتكبه، مثلا عندما يضل جمل أو شياه غنم، كما لا يسمح لنا بالجلوس مع أفراد الأسرة العاديين، أما الملابس فلا قيمة لها بالنسبة لنا أصلا، ومع ذلك يجلب لنا ملابس كل سنتين تقريبا، يحرص الرجل على إهانتنا بشكل منتظم، لا يرى فينا بشر يستحق الحياة”. 

 

الصمت على الاغتصاب

 

وتقول ميمونة إنها تعرض في يوم من الأيام للاغتصاب وهي في المرعى من طرف أحد رعاة الإبل في صحراء بعيدة جدا عن القرية التي تسكنها، مؤكدة أن أسيادها ومشغليها لم يعلقوا على الموضوع، معتبرين أنه أمر طبيعي “لأمثالها ولا حاجة لتحميل الراعي أي مسؤولية” لكن ميمونة تصر اليوم على ما يبدو أنها لن تتنازل عن حقها في محاسبة الجاني مهما كان الثمن. 

 

الفرار من جحيم العبودية

 

ذات يوم – تقول ميمونة “وبعد أن تعرضت شقيقتي الصغيرة لتعذيب همجي ووحشي من طرف مشغلنا قررت الهروب من هذا الجحيم، أبلغت أختي الصغيرة بالفكرة، لكنها رفضت في البداية، قبل أن أقنعها، انتظرنا حتى وقت متأخر من الليل، وأخذنا كمية من الماء وانطلقنا متجهين إلى باسكنو، وبمساعدة راعي من الطوارق يدعي مانه ولد خميس غيرنا اتجاهنا إلى أبيكت لحواش حتى لا يلحق بنا القوم، كان الطريق طويل جدا، نتحرك ليلا فقط حتى لا يكتشف أمرنا، وأخيرا وصلنا إلى أبيكت لحواش، بعد يومين من العذاب ، لقد وجدنا من يطعمنا ويسقينا في القرية كنا على شك أن نهلك”.

وتقول ميمونة، إنه بعد يومين من صولهم لقرية أبيكت لحواش، أجرى الدرك بالمدنية تحقيقا في الموضوع بأمر من الوالي ووكيل الجمهورية، بمساعدة من منسق منظمة نجدة العبيد بالحوض الشرقي، كما أحيلت القاصرتان إلى النعمة وفتح تحقيق معمق في الموضوع.

وخمت ميمونة حديثها للأخبار بالقول”لقد وصلنا قبل أسابيع إلى العاصمة نواكشوط رفقة منسق منظمة نجدة العبيد بالحوض الشرق، واليوم نطالب الخيرين مساعدتنا، إننا بحاجة إلى رعاية، كما نناشد الحكومة إنصافنا من خلال القبض على جلادينا ومحاسبتهم”.

وتضيف”أنا وشقيقتي مرتاحون اليوم أكثر من أي قوت مضى لقد تنفسا الحرية، لكن على الحكومة أن تساعدنا في إنقاذ خالتنا التي لا تزال مستعبدة في القرية، إنها بالنسبة لنا بمثابة الأم والوالد، نحن مشردات الآن عليهم أن يساعدونا في أن تكون لنا أسرة”.

وتقول منظمة “نجدة العبيد” الناشطة في مجال حقوق الإنسان بموريتانيا، إن الجهات المعنية بالحوض الغربي تقدم بعض الحجج “الواهية وذلك لإدامة إفلات المتهمين باستعباد القاصرتين من العقاب”.

وبحسب نجدة العبيد، فإن المتهم باستعباد القاصرتين وتعذيبهم، سبق أن حكم عليه بشهر من الرقابة القضائية لممارسته للاسترقاق واستغلال القصر.
وقالت نجدة العبيد، إن قضية سلامة وميمونة، رفعت إلى الوزير الأول مولاي ولد محمد لغظف، بهدف توقيف الأشخاص المتهمين في القضية.

وبحسب “نجدة العبيد” فإن هذه القضية تضاف إلى القاصرات “ربيعة وآمنة والنانه اللائي كن “مستعبدات” في نواذيبو.

وقال رئيس منظمة نجدة العبيد بوبكر ولد مسعود، إن أسباب انتشار ظاهرة الاسترقاق بهذه الشكل، هو في الأساس التقليل من أهمية موضوع الاسترقاق “وتمكين المستعبدين من الذرائع للتخلص ببعض التدابير على حساب الضحايا”.